سورة الناس - تفسير تفسير أبي السعود

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الناس)


        


{بسم الله الرحمن الرحيم} {قل أعوذ} وقرئ فى السورتين بحذف الهمزة ونقل حركتها إِلى اللام {برب الناس} أَى مالك أُمورهم ومربيهم بإِفاضة ما يصلحهم ودفع ما يضرهم وقوله تعالى {ملك الناس} عطف بيان جىء به لبيان أَن تربيته تعالى إِياهم ليست بطريق تربية سائر الملاك لما تحت أيديهم من مماليكهم بل بطريق الملك الكامل والتصرف الكلى والسلطان القاهر وكذا قوله تعالى {إله الناس} فإِنه لبيان أن ملكه تعالى ليس بمجرد الاستيلاء عليهم والقيام بتدبير أمورهم وسياستهم والتولى لترتيب مبادىء حفظهم وحمايتهم كما هو قصارى أمر المملوك بل هو بطريق المعبودية المؤسسة.
على الألوهية المقتضية للقدرة التامة على التصرف الكلى فيهم إحياء وإماتة وإيجاداً وإعداماً وتخصيص الإِضافة بالناس مع انتظام جميع العاملين فى سلك ربوبيته تعالى وملكوتيته وألوهيته للإرشاد إلى منهج الاستعاذة المرضية عنده تعالى الحقيقة بالإِعاذة فإِن توسل العائذ بربه وانتسابه إليه تعالى بالمربوبية والمملوكية والعبودية فى ضمن جنس هو فرد من أفراده من دواعى مزيد الرحمة والرأفة وأمره تعالى بذلك من دلائل الوعد الكريم بالإعاذة لا محالة ولأن المستعاذ منه شر الشيطان المعروف بعداوتهم ففى التنصيص على انتظامهم فى سلك عبوديته تعالى وملكوته رمز إلى إنجائهم من ملكة الشيطان وتسلطه عليهم حسبما ينطق به قوله تعالى إِن عبادى ليس لك عليهم سلطان فمن جعل مدار تخصيص الإضافة مجرد كون الاستعاذة من المضار المختصة بالنفوس البشرية فقد قصر فى توفية المقام حقه وأما جعل المستعاذ منه فيما سبق المضار البدنية فقد عرفت حاله وتكرير المضاف إليه لمزيد الكشف والتقرير.
والتشريف بالإضافة {من شر الوسواس} هو اسم بمعنى الوسوسة وهى الصوت الخفى كالزلزال بمعنى الزلزلة وأما المصدر فبالكسر والمراد به الشيطان سمى بفعله مبالغة كأنه نفس الوسوسة {الخناس} الذى عادته أن يخنس أى يتأخر إذا ذكر الإنسان ربه.


{الذى يوسوس فى صدور الناس} إذا غفلوا عن ذكره تعالى ومحل الموصول إما الجر على الوصف وإما الرفع أو النصب على الذم {من الجنة والناس}.
بيان للذى يوسوس على أنه ضربان جنى وإنسى كما قال عز وجل: {شياطين الإنس والجن} أو متعلق يوسوس أى يوسوس فى صدروهم من جهة الجن ومن جهة الإنس وقد جوز أن يكون بياناً للناس على أنه يطلق على الجن أيضاً حسب إطلاق النفر والرجال عليهم ولا تعويل عليه وأقرب منه أن يراد بالناس الناسى ويجعل سقوط الياء كسقوطها فى قوله تعالى يوم يدع الداع ثم يبين بالجنة والناس فإن كل فرد من أفراد الفريقين مبتلى بنسيان حق الله تعالى إلا من تداركه شوافع عصمته وتناوله واسع رحمته عصمنا الله تعالى الغفلة عن ذكره ووفقنا لأداء حقوق شكره.